مسألة التمييز
كما ذكرنا من قبل، تمثل مسألة التمييز أول عقبة في معالجة قضية االنطق، لذا نطرح فيما يلي بعض الاقتراحات التي من شأنها تمكين الطلاب من سماع الفروق التي تميّز الأصوات العربية عن مثيلاتها في لغاتهم. والإستراتيجية الرئيسية التي نشجع الأساتذة على استخدامها تتمحور حول ما يسمّى في الأدبيات التعليمية بالمنهج المقارن (Comparative Analysis) الذي يقوم على تحديد الاختلافات بين لغتين بدرجة كبيرة من الدقة. ولتحقيق هذا الهدف فقد صمّمنا نشاطاً يستخدم هذا المنهج وطلبنا فيه من الطلاب أن يستمعوا الى مجموعة من التسجيلات المقارنة كالتسجيلات التالية التي قمنا نحن بها لعدد من الكلمات في أزواج وطلبنا من الطلاب أن يختاروا من كل زوج الكلمة التي يعتقدون أن نطقها أقرب إلى العربية:ـ
وستلاحظون في هذه التسجيلات أن النطق يختلف في كل زوج من الكلمات العربية، فهناك صوت واحد منطوق بنطقه العربي السليم بينما الصوت الأخر منطوق بشكل يشبه نطق نظيره الانجليزي. وقد طلبنا من الطلاب كواجب من واجباتهم أن يستمعوا الى هذه الأزواج ويسجلوا في ورقة انطباعاتهم عن نطق الكلمات ويشرحوا الأسباب التي جعلتهم يختارون واحداً من الصوتين على أنه أكثر سلامةً بالعربية:
والأجوبة المعطاة في هذا الواجب النموذجي تدلّ على ما ذكرناه آنفا عن الصعوبة التي كثيراً ما يواجهها متعلّمو العربية في عملية التمييز بين النطق السليم وغير السليم لبعض الحروف العربية، فعلى الرغم من أن الصوتين الوحيدين اللذين قمنا بتبديل نطقمها هما اللام والراء فلا تحدد الطالبة التي كتبت هذا الواجب أحدا من هاتين الحرفين سببا للفرق الذي تسمعها بين زوج الكلمة إلا في زوجين من مجموعة الأزواج الإثنى عشر. ورغم ذلك تختار الطالبة االنطق الصحيح في كل زوج من الأزواج، فالواضح أنها تستطيع أن تسمع اختلافاً ما بين كل من التسجيلين ولكنها لا تقدر على تحديد ما الذي يسبّب هذا الفرق بالضبط ـ
وكما تقول الطالبة في الفيديو، فهدفنا الرئيسي من هذا النشاط هو توفير فرصة للطلاب لكي يفكّروا في العوامل التي قد تؤثر على نطق الكلمة العربية وسلامته وأن يسمعوا الفرق الدقيق بين الصوت العربي والصوت الأجنبي المماثل. ونعتقد أنه من المهم أن يصل الطلاب الى هذا الإدراك بأنفسهم وبدون أن يخبرهم به الأستاذ بشكل مباشر. فالمقترب الذي نقترحه لتحقيق ذلك هو وضع الطلاب في مجموعات صغيرة تتكوّن كل واحدة من طالبين أو ثلاثة طلاب فقط ليقارنوا انتطباعاتهم ويتوصّلوا الى اتفاق حول أسباب الاختلافات التي يسمعونها في كل زوج من الكلمات ـ
ونتمنى أن يكون الطلاب في نهاية هذه المرحلة قد بدأوا يفكّرون في النطق وأجزائه ويدركون كيف يميّزون نطق الحروف العربية عن نطق غيرها من اللغات الأخرى بحيث يمكننا الآن أن ننظر الى تحدّ مختلف يتعلق بأحاسيس الطلاب حول قضية االنطق ـ