تمثل الأغاني العربية الأصلية سواءً كانت قديمة أو شعبية أو فولكلورية مصدراً غنياً يمكننا الإفادة منه في سعينا لبلوغ أهدافنا التعليمية واللغوية. والفوائد التي يمكن جنيها عبر استخدام هذه الأغاني كثيرة ومتنوعة بما فيها إغناء العناصر الثقافية في منهج التعليم وتعريض الطلاب إلى اللغة في أشكال وقوالب لغوية تتجاوز مستوى الكلمة لتصل إلى حدود العبارات أو حتى الجمل الكاملة(Rose 1985) . أيضاً نرى في استخدام مثل هذه الأغاني فائدة أخرى تتمثل في استخدام مواد أصلية “شعبية” بدلاً من نصوص الاستماع أو القراءة المعتادة التي غالباً ما نستقيها من وسائل الإعلام والتي يحتاج الطلاب للتعامل معها إلى بذل قدر أكبر من الاستثمار الذهني (Cass & Piske 1977). وفائدة الأغاني الفولكلورية هي أنها تبيّن الصلة الوثيقة ما بين المجتمع والثقافة وتجسد التعبير الفني عبر الأجيال في الثقافة التي ندرسها، وفي الغالب هي تتبع أو تعكس قواعد الألحان والنغم والديناميات الصوتية الموجودة في اللغة المحكية ناهيك عن التعبيرات الشعبية الشائعة فيها(Jolly 1975) .
وقد طرح Osman & Wellman في 1978عدداً من الأسئلة التي يجب على الأساتذة أن يسألوها قبل أن يقرروا ما إذا كانت أغنية ما مناسبة للاستخدام في صف تعلم اللغات الأجنبية:
- هل يتوفر في الأغنية تكرار للكلمات والعبارات والجمل؟
- هل تقبل نغمتها التعلم بسهولة؟
- هل لديها نمط إيقاعي بارز؟
- هل تتضمن تراكيب لغوية مفيدة؟
- هل كلماتها مفيدة؟
- هل تتمثل فيها نواحٍ ثقافية يستفيد التلاميذ منها؟
- هل ما زالت شعبية وتُغنى حالياً؟
وانطلاقاً من هذه الأسئلة نود أن نعيد التشديد على قضية اختيار موسيقى مناسبة لمستوى الطلاب وأهداف المدرّس بصرف النظر عن تفضيله الشخصي. وهنا يكمن تحدٍّ لا يمكن تجنبه، ففي كثير من الأحيان يصعب العثور على مواد موسيقية تجذب انتباه الطلاب واهتمامهم وتستوفي، في نفس الوقت، الشروط التعليمية التي تسوغ اختيارها. وفي مثل هذه الحال فإننا نرى أنه إن كان محتوى الأغنية مناسباً من الناحية اللغوية فإنه يمكن للمدرس خلق أنشطة مفيدة ومثيرة لاهتمام المتعلمين وهذا أمر في غاية الأهمية لأن استخدام الأغاني قد يكون ممتعاً ولكن تتضاءل فعاليته إن لم ينجح الأستاذ في تأطير الأغنية وإغنائها عن طريق نشاطات مركزة ومثمرة تعليمياً وتعلُّميًا. وهكذا فإن الغناء بحد ذاته وبدون نشاطات مركزة لا يكفي للإفادة من الأغاني في صف اللغة.