تظهر الدراسات المتصلة بتعليم اللغات الأجنبية أن هناك طرقاً عديدة ومتنوعة لاستغلال الموسيقى كوسيلة تعليمية، وعلى الرغم من هذا الاختلاف في الطرق والوسائل فإن الهدف المحوري يبقى هو نفسه ألا وهو إيجاد طرق تدريس فعّالة تستطيع تثبيت مفاهيم القواعد والمفردات في أذهان الطلبة لفترة طويلة.
وفي هذا السياق نلاحظ أنه قد تم إيلاء اهتمام كبير لكيفية توظيف الصلات الفسيولوجية العصبية التي لا تنفصم بين الموسيقى واللغة عن طريق استخدام الموسيقى الخلفية في صفوف دراسة اللغات الأجنبية. فقد خلصت بحوث كثيرة إلى أن الموسيقى تساعد على خلق حالة ذهنية يصير فيها الدماغ مرتاحاً ومتقبلاً للمدخلات ومستعداً لاكتساب قدر أكبر من المفردات والقواعد وبالتالي الاحتفاظ بها (Salcedo 2002). ووفقاً لـ(Guglielmin 1986) فإن الموسيقى تساعد على تجسير الفجوة ما بين نصفي الدماغ وعلى تعزيز الذاكرة عن طريق وظائف متكاملة بحيث يتعلم النصف الأيمن الكلمات في حين يتعلم النصف الأيسر الأنغام. وقد تم إصدار أبحاث عديدة هدفت إلى قياس فوائد التفعيل الفسيولوجي العصبيي في سياق اكتساب اللغة الثانية عن طريق لعب الموسيقى الكلاسيكية كخلفية داخل الصف أثناء قيام الطلاب بنشاطاتهم الصفية.
وفي واحد من الأبحاث الأكثر شهرة في هذا المجال صمم Georgi Lozanov وهو دكتور وباحث في علم النفس تقنيات لتسريع عملية اكتساب اللغات اعتمدت على دمج الموسيقى في المقترب لذي اقترحه لتعليم اللغات. وقد سمّى مقتربه هذا “Suggestopedia” وقام فيه بلعب موسيقى “باروك” حينما كان الطلاب يدرسون أو يقومون بأنشطة داخل الصف. وتجدر الإشارة هنا إلى أن العنصر المركزي في مقتربه كان استعمال الموسيقى الخلفية ولكن المقترب اشتمل أيضاً على عناصر متعددة وجد أنها تؤثر على بيئة تعلم اللغة داخل الصف من طريقة الإنارة داخل الصف إلى شخصية المدرّس. وقد خلص Lozanov إلى أن الطلاب أظهروا قدرة أكبر على التعلم وعلى الاحتفاظ بكمية أكبر من المفردات مقارنة بنظرائهم الذين درسوا في غرفة صامتة (Sposet 2008). وفي سياق موازٍ أفادت الباحثة Gassner-Roberts (1982) التي قامت بتطبيق صيغة معدلة لمقترب Lozanov بأن الطلاب المشاركين في التجربة حققوا معدلات أعلى في قدرتهم على تذكُّر المفردات واستعادتها. كذلك وجدت de Groot في 2006 أن طلابها تعلموا كلمات أكثر في بيئة دراسية تميزت باستخدام الموسيقى الخلفية، واشارت إلى أن الإستراتيجية حققت نجاحاً ملحوظاً لدى الطلاب في المستويات العالية من الكفاءة.